َاعلان

الاثنين، 23 سبتمبر 2019

القيادة الرّاجحة

كان مغترباً في السعودية كغيرهِ يوماً هنا ويوماً هناك يَكلّ ويتعب فما من سببٍ لغربتهِ سوى إعالة أهلهِ ; روحهُ خفيفةٌ كالظّل وابتساماته حاضرة ، كان في قريته شبيهاً ب شارلي شابلن ألمانيا ، واسماعيل ياسين مِصر  ، أينما حل تكون النّكتة والضّحك ، تصرفاته عفوية بريئة ، أحبَّهُ الصغير قبل الكبير رحمة الله عليه ذلك هو محمد قائد الغراسي .
ومن ضمن قصصهُ الظّريفة المُضحكة مرة في السعودية دخل جامعٍ ما لصلاة المغرب "كما أذكر" ولم يكن معهُ سوى رَجُلين  أصرّا إلا أن يتقدّمهما للصلاة حاول جاهداً الرجل أن يتَهرّب ولكن إستسلم لإصرارهم ، تقدّم خطوتين وهو يقول في قرارة نفسه ياللهول كيف أكون إماماً وأنا لا أعرف القراءة ، بَدأَتْ أطرافه ترجُف ، يتلفّت يميناً ويساراً عساهُ يلمح أحداً يُنقذه ، أخيراً إستسلم للأمر ثم كَبّر للصلاة ، أكمل قراءة الفاتحة وأُذُناهُ تنصِت جيداً لصدى صوت من يأمَّهُم ، وحين أن قالوا آمين إطمأن فلم يزالا إثنينِ فقط ، ثم أكمل ركوعاً وسجوداً.
بدأ بقراءة الفاتحة مرة أخرى مُطمئنّاً "وهو لا يُتقن القراءة جيداً" وحين أن قال ولا الضّالين واذا بالصاعقة تضرب أسماعه كان الرد بآمين مُزلزلاً فقد أصبح خلفه عدداً من الصفوف ، إرتبك الرَجلُ كثيرا وتراقصت جوارحه رُعباً ورهبةً فهو لم يعهد أن يأمَّ أحداً فكيف بملئ الجامع .

ركع الرَّجُل مُسرعا ثم سجد وسجد من وراءه معهُ فما كان منهُ إلّا أن قام من سجوده وتخطّى الرّقاب حَذِراً وحمل أحذيته
ً وغادر الجامع دون أن يشعُر به أحد وتركهم سُجوداً
                                                       
لسان حالهِ دبّروا حالكم ههههههههه.

هذا الرجل لم يغامر هذه المُغامرة " كما رآها " بل دُفِع إليها ولم يكن كفؤاً لها فكان منه أن تركهم بلا إمام.

حين نتأمل ما آلت إليه الأوضاع في اليمن نجد هناك تشابه ،                                                    أتى أُناسٍ وشالوا حِملاً لم يَعهدوه أو يَخبَروه ، فكانت النتائج أن تُرك الوطن بأكمله يُعاني مأساة هذه المُغامرة المريرة  ، لم يدفعهم إليها أحدٌ كي نُبرّر فشلهم في القيادة ، إنّما أرادوها ، حاربوا لأجلها وحين أن  أخذوا المَقود تاهوا بين مفارق الطُرقات وصَعُب عليهم إجتياز المطبّات فكانت نتائج ذلك أن بدأت تنهار مركبتهم ولم يعرفوا طريقاً لإصلاحها.           

 حينما تدّعي المعرفة وتجهل البيانات فأنت ساذج مُخادع ، الإعتراف بالخطأ ليس عيباً وإنّما العيب الإستمرار فيه .
ماذا عمل بكم هذا الوطن التعيس حتى يأنَّ منكم ، هل تُدركون أي حالٍ أوصلتموه ، أوجعتم النّاس وأرعبتموهم ، زدتوهم فقراً وقهراً .

إمامُنا في القصة أرعبته أصوات من خلفه وحجمها وأنتم لم تلتفتوا لأنّات شعبٍ بأكمله بعد .
تداركوا الضّرر وحاولوا ، لستم وحدكم في هذا البلد ، سيجرفكم سيل غضبه إن لم تُعطوه حقوقه .
كل يومٍ تختلِقون مأساة ومسخرة ، رواتب الناس واختفت ، كهرباء وانطفت ، مؤسسات دولة تَوَقّفت ، حتّى التعليم أوشك على الهلاك .
نعم إنها الجمهورية اليمنية وياللأسف أضحت كذلك والسّبب أنتم .
تبلّدت مشاعر النّاس تائهة بين خوفهم من فوّهاتِ بنادقكم وهمّهم الذي كسر ظهورهم وهو إعالة وإطعام أهلهم ، كَبُرَ الخطب وَعَظُم ويئس الوطن منكم وأعيته حماقاتِكُم ، الوطن في القرن الحادي والعشرين ليس نزهة أو سُلعة كما كان ، من حقه أن يُبنى ويتم تشييدَهُ بعيداً عن سذاجات الحق الإلهي والطبقية والعنصرية ، تأمّلوا فقط أحوال العالم وحالِنا قد تهتدوا للصّواب ، إن لم تكونوا ذوا قُدرَةٍ في تأمين أدنى مقوّمات الحياة لشعبٍ أوهمتموه بادئ الأمر بالأفضل فاتركوا ماليس لكم ولا تتحجّجوا بالعدوان فقد طفح كيل الكثير من ذلك .
وفي الجهة الأخرى لدينا تحالفٌ همجيٌ لا يرحم ، إستباح دماء البسطاء وصَبّ لعناته على المساكين المقهورين ، يقتُل هنا ويُدَمّر هناك ومابينهما زادت آلام الفقراء وبرزت عِظامهم وأختفت لحوم أجسادِهم ، ولم تبقى سوى تلك الوجوه الغائرة لا تكاد تُفَرّق بين ضِحكها أو بُكاءها ، يقصفون البيوت الهشّة والمناطق العشوائية والخدمات البسيطة ، أي بلاء أوصلتمونا إليه يا تتار العصر ومغوله.
وشرعيةٌ تتخبط بين مسؤلياتها تُجاهَ شعبها وولائها لأسيادها ، ضاعت بسببكم المدن وأوشكت وتناثرت أشلاء الشّباب في معاركٍ تسببتم بها أنتم دون غيركم ، حتى من إغترب في أي دولة يُعاني منكم وتُصيبه لعناتكم وحماقات مُمثليكم .
أليس هنالك من أفواه تصدح ب كفى ويُسمع لها أم أنكم من تُقرّرون متى تبدأون الظلام ومتى تنهونه .
  عجيبٌ أمرُكَ يا يمن تهاوشت عليك الذّئاب ونهشتك ، فذاك ينهشُكَ إدّعاءاً بأحقيته وذلك يَنهَشُكَ إنتقاماً لأنك اكتفيت من بلواهُ وَلَفَظتَهُ ، وذلك ينهشك تحت غطاءٍ لم يستطع حمايته .
أوضاعٌ مريرة ومُزرية تسبّبت بغُصّةٍ بالحلق وشحرجات ، ومُستقبلٍ مجهول أصاب الكثير باليأس .
ورغما عنكم يا تجّار الحروب سنتسلح بأمل الفُرجة وسننجو.
Fuad

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق